بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين الى عبدالله بن قيس : سلام عليك ، أما بعد:
" فان القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة ، فافهم اذا أدلى اليك الخصمان ، وأنفذ إذا تبين لك ، فإنه لاينفع تكلم بحق لانفاذ له ، وآس بين الناس فى مجلسك وفى وجهك وقضائك ، حتى لايطمع شريف فى حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك ، البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين ، إلا صلحا حلل حراما أو حرم حلالا ، ومن ادعى حقا غائبا أو بينه فاضرب له أمدا ينتهى اليه ، فإن بينه أعطيته بحقه ، وإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية ، فان ذلك هو أبلغ للعذر وأجلى للعمى.
• ولايمنع قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن ترجع عنه ، فان الحق قديم لايبطله شىء ، ومراجعة الحق خير من التمادى فى الباطل .
• والمسلمون عدول بعضهم على بعض ، إلا مجربا عليه شهادة زور أو مجلودا فى حد أو ظنينا فى ولاء أو قرابه ، فان الله تعالى تولى من العباد السرائر وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والايمان.
• ثم الفهم ، الفهم ، فيما أدلى اليك مما ليس فى قرأن ولا سنة ، ثم قايس الأمور عند ذلك ، واعرف الأمثال ، ثم اعمد فيما ترى الى أحبها الى الله وأشبهها بالحق ، وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذى بالناس والتنكر عند الخصوم ، فإن القضاء فى مواطن الحق مما يوجب الله به الأجر ويحسن به الذكر.
• فمن خلصت نيته فى الحق ، ولو على نفسه ، كفاه الله مابينه وبين الناس ، ومن تزين بما ليس فى نفسه شانه لله ، فإن الله تعالى لايقبل من العباد الا ما كان خالصا ، فما ظنك بثواب عند الله فى عاجل رزقه وخزائن رحمته .. والسلام عليك ورحمة الله"